بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أعظم امرأة عرفها التاريخ قامت بمهمتها خير قيام, رعت حق الخالق سبحانه وتعالى فاتبعته في كل ما أمر به على لسان نبيه وسلكت الطريق الصحيح تجاه نفسها وتجاه بيتها وذريتها الطاهرة ..
لقد أدّت واجبها بما جبلت عليه من خلق وتكوين حتى أصبحت مثلاً يُحتذى به ..
ولدت السيدة خديجة لأبوين من قريش فأبوها خويلد بن أسد بن عبد العٌّزي و عبد العٌّزي هو أخو عبد مناف أحد أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ أبوهمت هو قصي بن كلاب فهي رضي الله تعالى عنها تلتقي مع سيدنا في الجد الرابع وهو قصي بن كلاب ولا ينسى التاريخ موقف خويلد حينما وقف في وجه تبعٍ الآخر عندما جاء من اليمن وسولت له نفسه أن ينتزع الحجر الأسود وراح ينازعه عليه حتى استطاع أن يوقظ به ضميره فتركه وأمها ( فاطمة بنت زائدة ) وأم ( فاطمة ) هي ( هالة بنت عبد مناف ) الجد الثالث للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وامتازت رضي الله تعالى عنها بأكثر من صفة فقد لقبت :
بالطاهرة : ووصفها بهذه الصفة إنما عن جدارة واستحقاق فلقد تزوجت في الجاهلية مرتين قبل اقترانها بسيد البشر محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم .
تزوجها رضي الله تعالى عنها أعظم البشر محمد بن عبد الله عن عمر يناهز الأربعين وأصدقها صلّى الله عليه وآله وسلّم عشرين بكرةً .
وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وكان عمره خمساً وعشرين عام ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت رضي الله تعالى عنها .
قالت ( نفيسة بنت مُنية ) : أرسلتني خديجة دسيساً إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن رجع من الشام بتجارة لها فقلت : يامحمد يغنيك من أن تتزوج ؟
قال : ما بيدي ما أتزوج به ؟
قلت : فإن كُفيت ذلك ودُعيت إلى الجمال والمال والكفاءة ألا تجيب ؟
قال : فمن ؟
قلت : خديجة .
قال : وكيف لي بذلك ؟
قلت : عليّ وأنا افعل .
وقال الزبير : إن خديجة بنت خويلد ولدت لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم القاسم وذينب والطاهر والطيب وعبد الله ورقية وأم كلثوم وفاطمة .. ( والراجح أن الطاهر والطيب كانا يطلقان على ( عبد الله ) باعتبار أنه ولد في الإسلام ) ..
ومات زوجها الثاني وهي في مقتبل العمر وسادت وساد قومها وكثر مالها ونزلت إلى مجال العمل والتجارة وكثر الطلاب والراغبون فيها ..
اتخذت رضي الله تعالى عنها طريقاً جاداً بعيداً عن طريق الأهواء والرغبات فقد كانت تجارتها كثيرة ومتنوعة ولم تتصل بتجار قومها ولم تشترك في اجتماع خاص أو عام ولم تسر في ركابهم وإنما كان يقوم بأمور تجارتها عبيدها وعلى رأسهم مولاها المخلص ميسرة ..
كما لقبت بلقب آخر لقبها القوم جميعهم به :
سيدة نساء قريش : ولا تلقب بهذا اللقب إلا من حازت صفة الكمال واجمع الناس على ما امتازت به خلقاً وخُلقاً وصار ظاهرها كباطنها ..
روي عنها أنها كانت دائمة الحديث مع ابن عمها الشيخ الكبير ( ورقة بن نوفل ) عن الرسول الذي سيرسله الله تعالى لهداية الخلق وهل قرب زمنه ؟ وهل ستراه ؟
لقد أبعدها كل هذا عن اللغو والفضول من سير الناس وارتفع بها إلى مقام محمود ..
ولقبت السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها في الإسلام :
بأم المؤمنين : نعم يشترك مع السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها في هذا اللقب غيرها من زوجات الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إلا أن منزلتاه في مقدمتهن فهي الأولى في الترتيب والمكانة والمنزلة ..
فقد كانت أول من صدّق وآمن وأوذيت في سبيل الله تعالى وتحملت الجوع والعذاب والحرمان مع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أيام المحنة والحصار صابرة محتسبة في وقت كانت في حاجة إلى الراحة والتمريض ..
لقد بذلت أقصى ما بوسعها للتخفيف عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وطأة المحاصرة والمقاطعة ..
كانت ترسل سراً إلى أهلها وذويها الذين لم يقعوا تحت نيّر الحصار والمقاطعة ليرسلوا لها ما يستطيعون إرساله من الطعام ولم يهملوا طلبها أو يظهروا لها العداء ولقد كرمها الله تعالى فبسببها كانت بداية حل المقاطعة ..
ولعل من أسمى الألقاب وأرفعها وأعظمها منزلة وأشرفها أن تلقب الطاهرة وسيدة نساء قريش وأم المؤمنين بلقب هو :
سيدة نساء العالمين : هذا اللقب لم تنله سيدة من نساء محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم سواء في ذلك من زوجات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو غيرهن باستثناء السيدة فاطمة بنت الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وابنة السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها ..
روي عن الأمام أحمد ابن عباس قال : " خط رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أربعة خطوط
وقال : ( أتدرون ما هذا ؟ ) .. قلنا : الله ورسوله أعلم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون " ..
وفي البخاري عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال :
" خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة " .
[quote]