نعم صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب)، هكذا جاء في الحديث الصحيح، والصورة التي تمنع هي الممنوعة كالتي تنصب على الجدران وعلى أبواب البيوت، وكالمجسمة التي توجد في البيت مجسمة، صورة إنسان أو حيوان أو طير فهذه تمنع دخول الملائكة ولا يجوز تعليقها ولا نصبها في البيت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (لا تدع صورة إلا طمستها)، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى على باب عائشة على بعض غرفها ستراً فيه صورة هتكه وغضب وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، فدل ذلك على أن الصور لا تعلق في الجدران ولا تلصق إذا كانت ذات جسم، لا تبقى في البيت، بل يجب أن تزال، لأنها محرمة والواجب إزالتها؛ ولأنها تمنع من دخول الملائكة، فيجب أن تزال، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن المصورين، فوجب الحذر من ذلك، ومع وجود الصور في المحل يجب أن يقضى عليها بالكسر والإزالة حتى يتمَّ أمر الله فيها، وينفذ فيها أمر رسوله عليه الصلاة والسلام حيث قال: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)، لكن إذا كانت الصورة في محل يمتهن، مثل البساط والوسائد والأرض التي تخطط فيها الصورة هذه لا تمنع لأنها مهانة، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لما أنكر على عائشة ذلك الستر قالت: (فجعلته وسادة أو وسادتين يرتفق بهما النبي صلى الله عليه وسلم)، وثبت من حديث أبي هريرة عند النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم وعد جبرائيل فتأخر عليه، فخرج ينتظره فقال له جبرائيل وآتاه جبرائيل وقال له: "إن في البيت تمثالاً وستراً فيه تصاوير، وإن فيه كلباً، فمُر برأس التمثال أن يقطع، ومُر بالستر أن يتخذ منه وسادتان منتبذتان توطآن، ومُر بالكلب أن يخرج"، قال: ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، يعني فعل ما قال له جبرائيل، فقطع رأس التمثال، وأمر بجعل الستر وسادتين، وأخرج الكلب، وجدوا جرواً عند نضد لهم للحسن أو الحسين فأخرجوه، فلما نفَّذ النبي صلى الله عليه وسلم ما قال جبرائيل دخل جبرائيل، فدل ذلك على أن الصورة التي في الستر الذي يعلق يَمنع، تمنع من دخول الملائكة، ومثلها الصورة المنصوبة في مرآة في الجدار، أو مجسمة في البيت، كل هذه تَمنع ومحرمة لا تجوز، أما ما كان في الأرض أو في الوسائد أو في البسط التي توطأ وتمتهن فإن هذا لا يمنع من دخول الملائكة، وهكذا الكلب الذي لا مسوغ له، هو الذي يمنع من دخول الملائكة، أما الذي له مسوغ مثل كلب الصيد، وكلب الماشية، وكلب الزرع، هذا لا يمنع لأنه مأذون فيه، وما أذن الله به لا يمنع الخير. والله ولي التوفيق.